خبير في المناخ: ظاهرة 'النينيو' تضرب العالم.. و2024 سيكون أكثر سخونة
شهر جويلية 2023 سيكون على الأرجح الأكثر سخونة في العالم منذ "مئات، إن لم يكن آلاف السنين"، هذا ما صرّح به كبير علماء المناخ في وكالة ناسا الأمريكية.
وأشار شميدت إلى أنّ هذه التأثيرات لا يمكن أن تُعزى فقط إلى ظاهرة النينيو. واعتبر أنّه على الرغم من الدور الصغير الذي تلعبه ظاهرة النينيو، "ما نراه هو سخونة شاملة، في كل مكان على الأغلب، لا سيما في المحيطات. منذ عدة أشهر شهدنا درجات حرارة لسطح البحر حطمت الأرقام القياسية، حتى خارج المناطق الاستوائية".
وتابع "لكننا نتوقع أن يكون عام 2024 أكثر سخونة، لأنّنا سنبدأ مع ظاهرة النينيو التي تتنامى الآن، وستبلغ ذروتها في نهاية هذا العام".
ماهي ظاهرة النينيو؟
تشير ظاهرة النينو إلى انخفاض درجات حرارة سطح المحيطات على نطاق واسع في وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، إلى جانب تغيرات في دوران الغلاف الجوي المداري، مثل الرياح والضغط وهطول الأمطار.
ومن أسباب ظاهرة النينو وجود تيارات ساخنة في المحيط الهادئ متجهةً نحو الشرق لتصل إلى سواحل أمريكا الجنوبية نتيجة للتسخين الذي تُحدثه مجموعة هذه التيارات في قاع المحيط الهادئ، ومن الممكن أن تشكل مع غيرها منظومة متكاملة، تؤدي إلى التغير الكبير في درجات حرارة المياه وبالتالي تحدث ظاهرة النينو.
وتحدث ظاهرة النينو حسب التوقّعات في مناطق مختلفة من العالم، حيث يؤدي حدوث ظاهرة النينو تأثيرات متباينة، ففي أميركا الجنوبية التي تقع سواحلها على المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستزيد احتمالات حدوث موجات جفاف قد تحد من قدرة غابات الأمازون على امتصاص غازات ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتفاقم الاحتباس الحراري بسبب ظاهرة النينو.
ما هو تأثير ظاهرة النينو على المناخ؟
تتمثل أهم هذه التأثيرات في زيادة وطأة الاحتباس الحراري في عدد من المناطق في العالم. ويمكن لهذه الظاهرة، وفق تقرير نشر على موقع "ذا كونفرسيشن"، أن تضيف 0.2 درجة مئوية للاحترار العالمي.
هذا الاحترار بلغ 1.23 درجة مئوية في نهاية عام 2022، رغم تأثير التبريد الناتج عن ظاهرة النينيا، مما يجعل احتمال تخطيه عتبة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2024 واردا بشدة.
من المتوقّع كذلك أن تشهد مناطق مختلفة من العالم تأثيرات متباينة بسبب ظاهرة النينيو. ففي أميركا الجنوبية التي تقع سواحلها على المحيط الهادي، على سبيل المثال، ستزيد احتمالات حدوث موجات جفاف قد تحد من قدرة غابات الأمازون على امتصاص غازات ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتفاقم الاحتباس الحراري.
وفي أستراليا، وبعد 3 سنوات من الهطول القياسي للأمطار، من المتوقع أن تعكس ظاهرة النينيو هذا الاتجاه بشكل جذري، لتصبح موجات الحرّ والجفاف أكثر تواترا، خاصة خلال فصلي الشتاء والربيع.
في المقابل، من المرجح أن ترتبط عودة النينيو بزيادة في تهاطل الأمطار في المناطق الجنوبية الغربية للولايات المتحدة التي تعاني من جفاف حاد منذ أكثر من 20 عاما. غير أن هذه الأمطار، من المرجح أن تكون غزيرة في هذه المناطق، وقد تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية.
ماذا عن المنطقة العربية؟
لا يبدو لظاهرتي النينيا والنينيو تأثير محلي رئيسي في منطقة شمال أفريقيا، بحسب الدكتور جلال دلّال أستاذ علم المناخ بجامعة سوسة بتونس، في حوار مع الجزيرة نت عبر الهاتف.
فظاهرة التذبذب الجنوبي، كما يقول، "تحدث بعيدا عن منطقة شمال أفريقيا، لذلك يكون تأثيرها ضعيفا مقارنة بظواهر مناخية أخرى مماثلة مثل ظاهرة تذبذب الشمال الأطلسي (NAO) التي تؤثر على مناخ شمال أفريقيا أكثر من ظاهرة النينيو لقربها من المنطقة".
لكن الباحث التونسي يشير إلى أن ظاهرة النينيو "يمكن أن تمثل في بعض الأحيان عاملا إضافيا لزيادة تأثير تذبذب الشمال الأطلسي الذي يميل حاليا، بحسب بعض التقارير المختصة، إلى تسخين مياه سطح المحيط".
من جهة أخرى، أظهرت دراسة نشرها البنك الدولي في وقت سابق، أن التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (ENSO) كان مساهما أقل أهمية في موجة الجفاف التي ضربت تونس ومناطق أخرى من المغرب العربي عامي 2015 و2016. وكانت آثار هذا التذبذب أكثر وضوحا في أجزاء أخرى من العالم، مما هي عليه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أما في الجزيرة العربية، فقد أظهرت دراسة علمية قام بها باحثون من جامعة الملك عبد العزيز عام 2018، أن 71% من سنوات الجفاف في الأجزاء الجنوبية والجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية خلال الفترة من 1981 إلى 2015، ارتبطت بظاهرة النينيو، بينما ارتبطت 38% من سنوات الفيضانات في هذه المنطقة بظاهرة النينيا.
يشبه فهم تعقيدات النظام المناخي محاولة حل أحجية كبيرة بالنسبة للخبراء الذين لا يزالون غير متأكدين من كيفية تصرف ظاهرة النينيو في المستقبل، لكن من المحتمل أن تتضخم آثارها بسبب تغير المناخ في مناطق مختلفة من العالم.
وكالات + مواقع إلكترونية